في اللحظة التي أدى فيها التحية العسكرية وانطلق نحو الفضاء.. لم يكن النمساوي فيليكس بومغارتنر يقوم بمغامرة وحسب.... بل كان باختصار يرسم الكثير من الأحلام لعلماء الطيران والملاحة الجوية والفلك
بدأ فليكس بالصعود ببالون من الهيليوم يبلغ طوله ارتفاع برج إيفل... وحجمه كحجم ملعب ريال مدريد على اتساعه
كان الهدف المطلوب هو الوصول إلى حاجز الصوت حاجز الصوت هز حاجز وهمي تم اكتشافه في عشرينيات القرن الماضي.. الصوت ينتقل في الهواء ضمن أمواج محددة ... واختراق حاجز الصوت يعني أن ينطلق بنفس سرعة الصوت في الهواء.. هذا يعني بالأرقام أن على فليكس أن ينطلق من الصفر إلى 690 ميل/ساعة في 40 ثانية أو أقل!!! أي بسرعة الطلقة!!
الذي ستقدمه هذه التجربة في حال نجاحها كثير من الآفاق الواسعة من أجل أمان الطيارين و رواد الفضاء خصوصاً أنها المرة الأولى التي سيتم فيها تجربة أن يقفز كائن حي من دون آلات بقفز حر من الفضاء
كل شئ .. كل خطوة..كل زر وكل ميل هو محسوب بدقة وهذا مما تسبب بتأجيل القفزة مرتين نتيجة اتجاه الرياح و درجة الحرارة لأن الثمن الذي من الممكن أن يدفعه نتيجة أي خطأ .. هو ... حياته
فمع هذا الارتفاع والضغط .. والاختلاف وسرعة الهبوط فإن الأخطار تبدأ بضيق التنفس وفقدان الأكسجين ... وتنتهي بانفجار الأوعية الدموية وكلاهما يعني ... الموت المحتم...
بدأت الكبسولة بالارتفاع... و بدأت عيون العالم تتابع الحدث لتلك الرحلة التاريخية... عيوننا تراقب.. عيون أسرته .. وعيون مدربه والمشرف على مشروع هذه القفزة..صاحب الرقم السابق في نفس المجال العقيد السابق في سلاح الجو الأميركي جو كيتنجر
وصلت الكبسولة لحدود الغلاف الجوي.... وصلت للارتفاع المطلوب .. وأصبحنا جميعاً على حافة التحدي... فالباب لن يفتح إن لم يستقر الضغط بين داخل الكبسولة وخارجها
واضعاً قدمه خارج الكبسولة كان العالم كله يحبس أنفاسه .. وكم هو رهيب أن ترى بعينك المجردة الكرة الأرضية من أسفل قدميك تدور
مع بدلة ثقيلة وخطوات دقيقة ويد يجب أن يضعها في أماكن محددة.. محاطاً بالأمل والخطر.. يتأكد من التحضيرات الأخيرة قبل اللحظات الحاسمة
و.... قفز
مرت أول 12 ثانية.. كل ما يمكننا سماعه هو صوت أنفاسه وخيال أبيض على شاشة سوداء...
بدأ الخطر يقترب مع مشاهدتنا له يدور حول نفسه ... في هذا خطر كبير فهذا سيمنعه تماماً من فتح المظلة... عاد جسمه ليستقر... ووصل صوته لغرفة التحكم التي طلبت منه التحدث بهدوء حتى لا يفقد وعيه أو يفقد الأكسجين..
مرت 3 دقائق.. وها هي المظلة تفتح أخيراً لنصبح شبه مطمئنين من أن وصوله للأرض سيتم تقريباً بسلام...
بدأت ملامحه تظهر مع مظلته البيضاء والحمراء... لتتوج الرحلة بقدميه تصلان أخيراً إلى الأرض بعد رحلة استمرت فعلياً خمس سنين و استغرق تنفيذها ست دقائق ليستفيد العلم منها لسنين أخرى...
ما أريد قوله أحبتي في ختام هذه الرحلة أن لا حدود للحلم... ليكن طموحكم عالياً .. ابنوا قصوراً في الفضاء كما فعل صديقنا فليكس ولكن ابدأوا بالعمل وببناء الأسس لتصل أقدامكم إلى أعالي السماء..